الجمعة، 29 يوليو 2011

الفتنة الكبرى ... (المقال الثاني)

ميدان التحرير، وميزان الجرح والتعديل المعاصر!!! (المقال الثاني)
كاتب المقال الدكتور أحمد بن عبد الرحمن النقيب

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : "عليكم هديا قاصدا (أي: مستقيما)، فإنه من يُغالب هذا الدين يغلبه" (سنده صحيح، أخرجه الحاكم والبيهقي)، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : "إياكم والغلو (أي: التشدد ومُجاوزة حد الشريعة والإفراط في المُخالفة) في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلوّ في الدين" (سنده صحيح، أخرجه أحمد وغيره)، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : "اتقوا الله، وعليكم بالسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي: فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضُّوا عليها بالنواجذ (جمع الناجذ، وهو الضّرس) وإيّاكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" (صحيح. أخرجه أحمد وأصحاب السنن).

من يوم 25 يناير 2011م وصار ميدان التحرير معيارا على الجرح والتعديل، فمن نزله كان عَدْلا، ومن لم ينزله كان مجروحا، من نزله فهو الأخ الفاهم العامل القدوة المجاهد الشيخ النحرير القوّال بالحق، مُحارب الطواغيت ... ومن لم ينزله – وإن كان من أعبد خلق الله وأعلمهم – فهو: قليل الفهم، هزيل البضاعة، الخائر الضعيف، لا يُلتفتُ إلى كلامه، لا يُطاقُ سماعُ كلامه، لا بصر له بالواقع، ولا دراية له ... ثم تحرّك بعض المشايخ الفضلاء بخلفية مواكبة الأحداث دون دراسة فقهية مُتأنيّة مُتأثرين ببعض السلفيين السياسيين كالشيخ عبد الرحمن عبد الخالق – أمدّ الله في عمره – والإخوان المُخضرمين في هذا الاتجاه كالدكتور الأشقر ونحوهما؛ ليؤسسوا الفكر السلفي المُعاصر القائم على قبول التعددية الحزبية، والديمقراطية الدستورية، والدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية – هكذا زعموا!!! – ، وقبول المُخالف في الدين، وجواز تولية المرأة الولاية العامة والجزئية، وغيرها من المسائل التي ذهبوا إليها طرحا أو اضطرارا ...

لقد نصبوا ميزان "الموالاة والمُعاداة" ليس في الدين، وإنما على فكرهم السلفي المُعاصر!! فمن وافقهم أحبُّوه – وإن كان جاهلا مُقصّرا – وقرّبوه!!! ومن أنكر عليهم وناصحهم لم يردّوا عليه ولم يعتبروه، بل ربما حذّروا منه وعادوه!!! سبحان الله!! أهذه عقيدة الولاء والبراء التي نُعلّمها للناس؟!! أهذا احترام من نصح وسدّد وقارب؟!! أهذا ما كنا نربي عليه أبناءنا وتلاميذنا ؟!! أهذه هي الأخوة الإيمانية التي طالما كنا نتذاكرها المجالس والمحافل ونَتَسارُّ بها في نجوانا؟!! أهذه هي نهاية عمركم الدعوي؟!! أبعد سنيِّ الجهد والغرس العلمي والتربوي الرشيد نركب أسنّة الغرور والأمل الخادع؛ لنوافق جمهرة من المُتسرّعين أو المدسوسين حتى ولو تزيَّوا بزيّنا، وتكلّموا بألسنتنا؟!! لستُ أعرفُ أبدا معيار هؤلاء السلفيين الحداثيين ولا أعرفُ إلى أي مدى سينتهون إليه؟!! إلاّ أني أخشى عليهم لأنهم إخوتي وأحبّتي وأحب لهم الخير كلّ الخير، ولكنها النصيحة أسديها لعلّهم يتذكرونها قبل الطوفان!!!

لكن يبقى السؤال: ما قصة خروج ودعاء المشايخ إلى تظاهرة الجمعة 29/7/2011م؟!! هذا ما سنعرفه في المقال القادم – إن شاء الله – ، فإلى لقاء .. نستودع اللهَ دينكم وأمانتكم أيُّها الأحباب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات: