الجمعة، 29 يوليو 2011

الفتنة الكبرى ... (المقال الأول)



ميدان التحرير، وميزان الجرح والتعديل المعاصر!!! (المقال الأول)
كاتب المقال الدكتور أحمد بن عبد الرحمن النقيب


قال الله – سبحانه – : "اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا" (المائدة: 3)، وفي البخاري أن اليهوديَّ قال لعمر – رضي الله عنه – : لو نزلت علينا هذه الآية لاتخذناها عيدا!! سبحان الله!! لقد ابتُلي الإسلام بقاصمة موت النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم كانت عاصمة خلافة الصديق – رضي الله عنه – ، ثم كانت قاصمة الإسلام والمسلمين بأحداث الردّة، وكانت العاصمة بجهاد الصحابة لقمع المرتدّين، والمحافظة على إرث النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – ، ثم كانت قاصمة اقتتال الصحابة ولم تكن لها عاصمة!! نعم، ليقضي الله أمرا كان مقدورا، ثم كانت قاصمة دعوة الناس إلى القول بخلق القرآن وابتلاء الناس بذلك، حتى استجاب جماهير أهل العلم، وافتُتِنَ الناس بذلك، ثم كانت العاصمة بثبات الإمام أحمد بالقول إن القرآن كلامُ الله وحده، ليس بمخلوق، ومن قال بخلقه كفر!!

واستمرّت القواصم تتلوها العواصم، الهجمة التترية تلاها هزيمة التتر، بل دخولهم في دين الله – سبحانه – وتكوينهم امبراطوريّة المغول التي صارعت الزمن وحافظت على مجد الإسلام في شبه القارة الهندية لقرون متواصلة!! الهجمة الصليبيّة تلاها عاصمة هزيمة عبدة الصليب وفتح بيت المقدس ومن ثمّ كان جلاؤهم عن ديار الإسلام، قاصمة الحملة الفرنسية تلاها عاصمة طرد الفرنسيس وأذنابهم من عبدة الصليب ببلاد مصر – حفظها الله – خلال أقل من أربع سنوات، قواصمُ نزلت بالأمة لكن تلاها عواصم، إلاّ ما كان من الاقتتال الحاصل بين الصحابة، فليس لها نظير من وجود عاصمة!!

وقدّر الله – سبحانه – أن نوجد في أزمان الضغط، وأعاننا الله – سبحانه – على التعلّم وطلبه، حتى صرنا – زعموا – من جملة مشايخ أهل العلم بمصر، ليس لعلمنا لكن كما قال القائل: "إن البُغاث بأرضنا يستنسرُ"، ثم ابتلانا ربنا بالسجن والتعذيب الرهيب في عام 1981م ومكثنا صابرين مُحتسبين لأكثر من عام، ثم كانت المُلاحقات ونحن صابرون، ندعو إلى الله – سبحانه – بالجمل الثابتة عن السلف، ونرفع منهج السلف ألا وهو: التوحيد والعلم النافع والعمل الصالح والدعوة الدؤوب والصبر ونفع المسلمين، كنا نخالط الناس بالمنهج السلفي!! امتُحنّا قبل وبعد السجن والتعذيب بفتن العمل السياسي، لكن رفضنا ذلك شرعا وعرفا ... دليلا واجتهاد ... وأقوالنا المكتوبة والصوتية مسطورة للتاريخ!!

ثم ماذا .. كانت أحداث 25 يناير، وتبلبل المشايخ الكرام، وسافرنا وطائفة من أبنائنا وإخواننا إلى ليبيا للدعوة وإمداد المسلمين غذائيا وطبيا، ولمّا أتت قافلة "الدعوة السلفية" من ليبيا، إذا الحالُ قد تغيّر .. والرجال قد تغيّروا .. والمواقف قد تغيّرت .. وأخلاق الدعوة قد تغيّرت .. والمنهج الذي ورثناه من عهد الصحابة قد تغيّر .. لكن كيف حدث التغيير في المنهج؟ وما علاقة ذلك بمظاهرات التحرير؟ هذا ما ستعرفه في المقالة التالية، فإلى لقاء .. أستودعُ الله دينك وأمانتك .. والسلام عليك أيها الحبيب ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: